• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

جيوش المسلمين في نصرة المستعمرين!

د. ماهر الجعبري

جيوش المسلمين في نصرة المستعمرين!

أفادت الجزيرة نت (في 30/9/2014) أن "تركيا تبحث السماح لجيشها بضرب تنظيم الدولة"، وكانت الجزيرة نت قد أفادت من قبل (في /29/9/2014) أن "التحالف يستهدف أهم منشأة غاز بيد "الدولة" بدير الزور"، وأن منظمة هيومن رايتس ووتش أعربت عن أسفها لمقتل سبعة مدنيين على الأقل في الغارات الجوية الأميركية في شمال غرب سوريا، داعية إلى فتح تحقيق حول انتهاك محتمل لقانون الحرب (في2014/9/28 ).

إن الهجمة الاستعمارية الشرسة على المسلمين في العراق وسوريا تحت عنوان الحرب على الإرهاب تكشف نفاق ما يسمى بالمجتمع الدولي الذي يتجرأ بكل سهولة على إراقة دماء المسلمين كما تجرأ من قبل في حروب متتالية في العراق وأفغانستان، بينما يغطي على إرهاب الكيان اليهودي وجرائمه، كما تكشف في الوقت نفسه عمالة ووقاحة الأنظمة العربية ومعها الأنظمة التي تسمى بالإسلامية مثل تركيا، وهي تشارك في هذه الهجمة: لا تحسب حسابا لشعوبها ولا لعقيدتها.

إنه من الواضح أن هذه الهجمة الوحشية تستهدف ضرب مقدرات المسلمين في الشام والعراق أكثر مما تستهدف مطاردة مقاتلين (في تنظيم الدولة وغيرها)، ولذلك فهي تضرب منشآت بترولية مهمة، لأن أمريكا ومعها دول الغرب (التي سارت في ركابها في هذه المصلحة الغربية العليا) لا تقبل أن تعود مقدرات الأمة إلى أيديها، إذ إن استعادة المقدرات هي جزء من عملية تحرر شاملة من الهيمنة الغربية، وهي بذلك تهدد الوجود الأمريكي في المنطقة، وتنذر الغرب بمرحلة جديدة تقلب المعادلات الاستعمارية التي فرضها الغرب على المسلمين مذ قضى على دولة الخلافة العثمانية.

تلك الدولة التي يتفاخر أردوغان بأنه من أحفاد رجالها، بينما يتجرأ اليوم على مناقضة ثقافتها وعلى تحدي مشاعر الأمة الإسلامية بالحديث عن تحريك الجيش التركي، ليس نصرة للمسلمين المضطهدين في سوريا وإنما نصرة(!) لأمريكا وحلفائها. وهو يتغابى عن حميّة العثمانيين وعن توثّبهم لنصرة المسلمين، ويتعامى عن تاريخ حروبهم البطولية التي أذاقوا فيها الغرب الصليبي طعم الموت، ليصنع مستقبلا ذليلا يذيق فيه المسلمين طعم الموت، فأي انتماء ذلك الذي يعبر عنه أردوغان في وقفته هذه؟!

إنه لمن العار على المسلمين أن ينشغلوا بتعداد عيوب تنظيم الدولة وجرائم الاقتتال الداخلي بين الفصائل الإسلامية عن التصدي لهذه الهجمة الصليبية، وعن كفاح تلك الأنظمة الوقحة، التي صمتت عن قتل المسلمين في غزة، والتي لم تذكر أن لها جيوشا ولديها أسلحة وطائرات، حتى استنهضتها أمريكا فلبت لضرب المسلمين في سوريا والعراق.

لقد ظلت أبواق الأنظمة تتحدث عن عدم جدوى وإمكانية تحريك جيوش المسلمين، وها هي الأنظمة الوقحة تفضح ذلك المنطق المتهالك إذ تحرك الأنظمة تلك الجيوش وتقلع طائراتها وتضرب وتقصف، ولكن ليس نصرة للمسلمين بل لإراقة دمائهم، في حرب لا تفرق بين مدنيين ومقاتلين كما شهد شاهد من أهل الغرب (هيومن رايتس ووتش.(

إن من يحمل عقيدة الإسلام، يدرك تلقائيا بطلان مواقف الأنظمة، حتى وهي تتمسح بشعار الإسلام (كما في تركيا وفي السعودية)، لأنه يفهم تماما قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، ويردّ عليهم أقصاهم، وهم يَدٌ على من سواهم، ألا لا يقتل مسلم بكافر، ولا ذو عَهْد في عهده» (رواه أبو داود والنسائي.(

 

ارسال التعليق

Top